٤٤٨٠٦٢٤٢

info@alhenzab.com

الزَّهْرَةُ الثَّالِثَةُ: زَهْرَةُ اللُّطْفِ

زهرة (اللُّطف) مُستقاة من مَعينِ أسماء الله الحُسنى، واسمه تعالى (اللَّطيف)، قال الله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}. (الأنعام: 103).  وقال سبحانه: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}. (يوسف:100). قال الإمام الخَطَّابي: “اللَّطيف هو البَرُّ بعباده، الذي يلطف بهم من حيثُ لا يعلمون، ويُسبِّب لهم من مصالحهم من حيث لا يحتسبون”.

وحين نقطف هذه الزَّهرة في زمن المحن والفتن، ومن رحم هذه الجائحة، يكون اللُّطف مُدهشاً عجيباً عندما يسوقه الله سبحانه إليك، وحين يُوصل إليك مرادَك بلطفٍ، فهو سبحانه وتعالى، لا تفجَؤك أفضاله، بل يسبقها برياح البُشرى، ويُهيّئ القلبَ لاستقبالها {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.  (الملك:14).

ثمَّ إذا نزلت الأفضال بساحة العباد هيَّأ الله لها الأسباب، حتى إنَّ العبدَ ليحسب أنَّ ذلك من كسبه وجهده، وهي في الحقيقة من كرم عطائه وعظيم مَنِّه.

إذا أراد اللَّطيف أن يلطف بك، جعل من لا ترجو الخيرَ منه، هو سببُ أعظم العطايا التي تنالك.

ويأتي بطفه عظائم المقادير، فلا تنتبِّه إلاَّ وهذا الذي حسبته معجزه من المعجزات قد بات بساحتك، وتتيَّقن بأنَّ حولك وقوّتك أقلّ من أن يُحدثه.

إذا أراد اللَّطيفُ أن ينصركَ في حدثٍ من الأحداث، وتحسب أنه لا يمكن سبباً، فكان من أعظم الأسباب لنصرتك وتأييدك.

إذا أراد اللّطيفُ أن يُكرمك جعل من لا ترجو الخيرَ منه، هو سببُ أعظمِ العَطايا التي تنالك.

ونستشعرُ عظيمَ لُطفه، في حياة نبيّ الله يوسف عليه السَّلام، عندما أراد أن يخرجه من السّجن، لم يدكّه ولم يكسر قفلَ بابِه، ولم يهلك ظُلاّمه، بل جعل ذلك رؤيا في المنام، ليخرج بهذه الرؤيا من هذا السّجن المُعتم، فكانت حياته كلّها مسيّرة بلطف الله، {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}. (يوسف: 100).

ولمَّا أراد الله عودة موسى -عليه السَّلام-لأمِّه جعل ذلك، بلطف لم يستشعره فرعون وقوّته، فحَرَّمَ عليه المراضع، {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}. (القصص:12)، ليرجعه إلى أمّه وتقرّ عينها برؤيته، {فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ۚ}. (طه: 40)، وهكذا هي ألطافه سبحانه في عباده المؤمنين.

وها نحن نلمس عظيمَ لُطف الله تعالى بنا في “جائحة كوفيد 19″، لنقطفها زهوراً، في أنفسنا ومجتمعنا وفي بلادنا، بلاد الخير والعطاء التي حباها الله بالنّعم، فكم هو لطفُ الله عظيماً، حين هيَّأ الله لها الظروف والإمكانيات وأعدّها في جميع الجوانب والمجالات، لتتعامل مع هذا الوباء على وَجْهٍ عجزت أمامه دول العالم العظمى.

وقد سبق هذا التعامل مع هذه الجائحة، نجاحٌ آخر بفضل ولطف الله تعالى، في التعامل مع حصار جائر، لمسنا فيه لطفَ الله العظيم وتوفيقه العميم، إذ اعتصمت الدَّولة وقيادتها الرَّشيدة بربّها سبحانه، لتعتمد على نفسها وتنهض باقتصادها وتدير الأزمة بفضل الله تعالى، بأقلّ الأضرار والخسائر، فجاء “فيروس كوفيد 19” على الدَّولة وشعبها بَرْداً وسَلاَماً.

ولو راجع المرءُ خفايا لطف الله وأسراره، التي مرّت عليه في حياته، لوجدها ماثلة حيّة في كلّ مناحي أموره ودقائق وقته وتفاصيل حياته.

نَسألكَ اللُّطفَ في أمورنا كلّها يا خفيَّ الألْطَاف.