٤٤٨٠٦٢٤٢

info@alhenzab.com

الزَّهْرَةُ الأُولَى: زَهْرَةُ الإِيمَان

في هذه الوقفة الإيمانية نعلم أنَّ كوفيد ليس نبتة نتطّلع لقطف زهورها، بل هو فيروس مستجدٌّ للحُمَّى التَّاجية (corona)، صنّفته منظمة الصحّة العالمية، بأنَّه وباءٌ عالمي.

وفي ظل هذه الظروف يتردَّد هذا السُّؤال، هل ما يحدث في هذا العالم، هو نِعمة أم نِقمة؟

الجميع يعلم أنَّه وباءٌ أصاب العالم أجمع، وشلّ جميع مناحي حياته، هو كارثة أممية، إذا هو مصيبة.

ودينُنا الحنيف، يعلّمنا كيف نستقبلُ المصائبَ والمحن، ويُرشدنا دوماً، كيف تتولّد المنح من المحن، وكيف نستخرج الهدايا الرّبانية من الابتلاءات، وكيف نقطف الزهور من هذه الأحداث والفتن.

إنَّ أولى هذه الزُّهور التي نقطفها من هذه الجائحة هي زهرةُ الإيمان؛ الإيمان بالله وبكتابه الكريم، وما جاء فيه من آيات وأحكام وتعاليم، يقيناً منّا بأنَّ ما جاء فيه لا ريب فيه. {ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}. (البقرة: 02). عن ابنِ عبَّاس، رضي الله عنه، {لا ريبَ فيه}، قال: (لا شكّ فيه). قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: (فكتاب الله تعالى لا شكَّ فيه ولا ارتياب؛ والمعنى: أنَّه في ذاته حقٌّ وأنَّه منزَّلٌ من عند الله).

إنَّها زهرةٌ من أزكى الزّهور وأجملها، وأبهجها شكلاً وأطيبها أثراً، ذلك أنَّ مبعثها هو الإيمان، الذي هو الرّكن الأوَّل والركيزة الصلبة التي التي يقوم عليها بناء المجتمع الإيمانيّ والعقيدة الإيمانيّة الصّحيحة عند المسلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإنَّ اشتقاقه من الأمن الذي هو القرار والطمأنينة، وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق والانقياد).

وكتابنا الذي نؤمن بما جاء به، يقول فيه سبحانه وتعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. (التغابن:11).

وكان منبع هذه الزهرة، هو بشرى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حين يُبشّرنا متعجباً من حال وأمر المؤمن، حين تعترض المصائب والآلام، لتأتي البشرى منه عليه الصَّلاة والسَّلام، ((عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ، إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ))، كما في حديثه صلّى الله عليه وسلّم.

نعم، إنَّ ما حلّ بنا في هذه الجائحة هو مصيبة، ولكنَّ حالنا معها ينبغي أن يكون، كحال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، حينما أودع السّجن، وغلّقت عليه الأبواب، تبسّم ونظر إلى السجّان، وتلا حينها قوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ}. (الحديد:13).

نؤمنُ يقيناً أنَّ هذه الجائحة هي رحمةٌ للمؤمنين، حين يستسلم المؤمن لله في أموره كلّها، ويحسن التعامل مع أقدار الله تعالى.

والمؤمن يعلم أنَّ ما أصابه من مصيبة فهو من نفسه، ولذلك ينأى بنفسه أن يكون في مصيبة أو سبباً في مصيبة، وذلك بسلوك ونهج ما يلي:

البعد عن المعاصي والذنوب من الأقوال والأفعال التي تبعده عن الله وتسيء للعباد.أن تكون ردود أفعاله وتعامله مع أخطاء الآخرين، تبعاً لتوجيه ربّ العالمين.أن يُحسنَ التعامل مع أقدار الله تعالى، التي لا يملك لها شيئاً، ويتعامل معها بالرّضا والتسليم والطّاعة لله تعالى، ومخلصاً في أعماله لله سبحانه.